مع ازدياد معدّل الإصابة بالسمنة يومًا بعد يوم، كثُرَت الحاجة إلى جراحات السمنة؛ لإنقاص الوزن الزائد، والوقاية من مخاطر السمنة، ولكنّ نسبة فشل أو إخفاق جراحات السمنة ارتفعت كذلك في الآونة الأخيرة؛ مما تطلّب مزيدًا من البحث العلمي حول دواعي إصلاح جراحات السمنة السابقة، وكيفيّتها، وهو ما نناقِشه بالتفصيل في المقال الآتي.
دواعي إصلاح جراحات السمنة السابقة
تتمثّل دواعي إصلاح جراحات السمنة السابقة في فشل عملية السمنة – أيًّا كان نوعها – في إنقاص الوزن الزائد، أو تعرُّض المريض لمضاعفات خطِرة بعد العملية، إذ يتطلّب إعادة تصحيحها أو تحويلها إلى عمليّة أُخرى، وفيما يلي نذكُر لكم أهمّ دواعي إصلاح جراحات السمنة تبعًا لنوع العملية.
أولًا: عملية ربط المعدة
يلجأ الطبيب إلى إصلاح عملية ربط المعدة أو حزام المعدة في الحالات الآتية:
1- عدم نزول الوزن بالقدر المطلوب
يتوقّع المريض أن يفقد أكثر من 35% من الوزن الزائد خلال العام الأول بعد عملية ربط المعدة، وحوالي 50% بانقضاء عامين على العملية، وعند انخفاض معدل نزول الوزن عن الحدِّ الطبيعي له، مع التزام المريض بكافة التوصيات الغذائية؛ فربما يحتاج إلى إصلاح عملية ربط المعدة.
2- زيادة الوزن بعد العملية
أُجريت دراسة طبية على عددٍ من مرضى السمنة، بعد تركيب حزام المعدة، واتّضح خلال الدراسة؛ حاجة 40% من المرضى تقريبًا إلى عملية جديدة لإنقاص الوزن بعد مرور 5 سنوات على ربط المعدة؛ نظرًا لاكتساب وزنٍ زائدٍ مرّةً أُخرى، أو عدم خسارة القدْر المطلوب.
3- تآكل حزام المعدة
تتراوح نسبة تآكل حزام المعدة ما بين 0.6% – 14%، ولا يُعرَف سببٌ واضحٌ له إلى الآن، ولكنّ المؤكّد أنّه يُسبب بعض المضاعفات متفاوتة الخطورة، مثل:
- ألم البطن.
- زيادة الوزن.
- التهاب الصفاق.
عندئذٍ يجب إزالة حزام المعدة، سواء عبر المنظار الجراحي أو الجراحة المفتوحة، أو باستخدام الروبوت الجراحي، وعند إرادة الانتقال إلى عملية أُخرى من عمليات السمنة؛ ينبغي الانتظار ثلاثة أشهر تقريبًا؛ حتى يزول الالتهاب في محيط المعدة.
4- انزلاق حزام المعدة
يعني انزلاق حزام المعدة، تحرُّكه من موضعه في الجزء القِمِّي من المعدة، جِهة الأسفل، ويحدث ذلك بنسبة تصل إلى 0.4% – 13%، ويُمكن أن يُولِّد الانزلاق مضاعفاتٍ مؤثِّرةً على نجاح العملية، مثل:
- عدم نزول الوزن.
- زيادة الوزن.
- انسداد المعدة.
- ارتجاع المريء.
5- ارتجاع المريء
يُعاني مرضى السمنة عادةً ارتجاع المريء، وتساعد عمليات السمنة بالطبع على التعافي من ارتجاع المريء المزمن، ولكن وُجِد أنّ 35% من المرضى تقريبًا يتعرّضون لارتجاع المريء ثانيةً بعد ربط المعدة، ويُمكن التعامل معه دوائيًّا في أغلب الحالات، أمّا في الحالات الشديدة، أو غير المستجيبة للعلاج؛ فإنّ إصلاح عملية ربط المعدة هو الخيار الأنسب، إذ يُمكن أن يؤدي ارتجاع المريء المزمن إلى:
- القُرَح.
- التهاب المريء.
- مريء باريت.
- سرطان المريء.
ثانيًا: عملية تكميم المعدة
تحظى عملية تكميم المعدة بنجاحٍ كبيرٍ على مستوى العالم، ولكنّ بعض المرضى قد يتعرّضون لفشل عملية التكميم، مما يدفعهم إلى إصلاح عملية التكميم، كما في الحالات الآتية:
1- عدم نزول الوزن أو اكتساب الوزن
عادةً ما يفقد المريض حوالي 60% من الوزن الزائد في غضون عامين بعد تكميم المعدة، وإذا كان البَوْن شاسعًا بين مقدار الوزن المفقود فعلًا، والمقدار المتوقَّع فقدُه، أو زاد الوزن بقدْرٍ كبيرٍ بعد نقصانه؛ فإنّ إصلاح عملية التكميم ضروريٌّ عندئذٍ لعلاج السمنة، والتخلُّص من مضاعفاتها تمامًا.
إقرأ أيضاً: نصائح قبل وبعد جراحة السمنة بالمناظير: نصائح من الدكتور كريم صبري
2- التسريب
إنّ التسريب بعد عملية التكميم أمرٌ غير شائع الحدوث، إذ يتعرَّض له 1.5% من المرضى فقط، ولكنّ الآثار الناجمة عنه، مثل: الناسور المَعِدِي المُزمِن، أو تعفُّن الدم؛ تتطلّب إصلاح عملية التكميم، وسد موضع التسريب بإحكام.
وتتمثّل أعراض التسريب في الألم، والحُمّى، وعدم انتظام ضربات القلب، ويُصنّف التسريب بعد تكميم المعدة، تبعًا لتوقيت ظهور أعراضه لدى المريض، على النحو الآتي:
- التسريب المبكر: يحدث في غضون الأيام الأربعة الأُوَل بعد التكميم.
- التسريب الأوسط: تظهر أعراض التسريب خلال 5-9 أيام بعد التكميم.
- التسريب المتأخر: يدخل فيه كافة صُوَر التسريب بعد اليوم العاشر على التكميم.
3- النزيف
تختلف طبيعة النزيف المُحتمل بعد عملية التكميم، وكذلك موضُعه، تبعًا لطبيعة الجراحة، فربّما يكون النزيف من خط تدبيس المعدة مباشرةً، أو من الطُّحال، أو الكِبد، أو الأوعية الدموية المَعِدِيّة، وتبلغ نسبة التعرُّض للنزيف بعد التكميم 2.5% تقريبًا.
ربما يكون النزيف يسيرًا، وسُرعان ما يتوقّف، دون أن يشعر المريض بأي أعراضٍ غير طبيعية، وربما يحتاج إعادة التدخل الجراحي بالمنظار لإصلاح عملية التكميم، وإيقاف النزيف، أما بالنسبة للنزيف الخارجي، فقد ينتج عن العدوى، ويحتاج فقط إلى عناية طبية جيّدة، وتصريف جراحي.
4- ضيق المعدة
قد يقترن ضيق المعدة ببعض الأعراض مثل: الغثيان، وألم البطن، وصعوبة البلع، وتقيُّؤ الدم، وربما لا يلحظ المريض أيّ أعراضٍ في بداية الأمر، وتبلغ نسبة تضيُّق المعدة بعد التكميم 1.1% – 3.5% فقط.
إذ ينتج ضيق المعدة بالأساس عن خطأ جراحي في تكميم المعدة، أو استعمال تقنية غير مناسبة، بما يجعل تجويف المعدة أصغَر من الحجم الملائم، ويُحتمل أيضًا أن ينتج عن بعض المضاعفات الأُخرى مثل: التسريب.
5- ارتجاع المريء
في دراسة طبية حديثة حول ارتباط عملية التكميم بارتجاع المريء، أفاد الباحثون أنّ 26% من مرضى السمنة يُصابون بارتجاع المريء المزمن ثانيةً بعد التكميم، وعلى المدى البعيد؛ يتعرّض 7% تقريبًا إلى “مريء باريت”، وينتج ذلك عن التغيُّرات الحادثة في تشريح المعدة.
إذ يحتاج ارتجاع المريء إلى عناية طبيّة خاصّة، وإضفاء بعض التعديلات على النظام الغذائي، وإذا لم تتحسّن حالة المريض؛ نلجأ عندئذٍ إلى إصلاح عملية التكميم.
6- فتق الحجاب الحاجز
يُعدُّ فتق الحجاب الحاجز ضِمن المضاعفات المحتملة، لبعض جراحات الجهاز الهضمي، مثل: تكميم المعدة، وينتج عنه عندئذٍ؛ تحرُّك المعدة قليلًا جهة الأعلى، داخل تجويف الصدر، وتقتصر أعراضه عادةً على: ارتجاع المريء، وصعوبة البلع.
يتحدّد علاج فتق الحجاب الحاجز بناءً على مدى تأثيره على المريض، وحاجته إلى التدخُّل الجراحي لإصلاحه، وإذا اقترن فتق الحجاب الحاجز بنقصٍ في مُعدل نزول الوزن؛ ربما يتم إصلاح عملية تكميم المعدة، عبر تحويلها إلى عملية أُخرى، مثل: تحويل المسار.
ثالثًا: عملية تحويل المسار
تُصنّف عملية تحويل المسار كواحدةٍ من أكفأ جراحات السمنة، نظرًا للوقت القياسي الذي يفقد فيه المريض أغلب وزنه الزائد بعد العملية، وفيما يلي، نوضِّح لكم دواعي إصلاح عملية تحويل المسار.
1- عدم نزول الوزن أو اكتساب وزنًا زائدًا
ينتظر المريض فقدان أكثر من 65% من الوزن الزائد، خلال أول 24 شهر بعد عملية تحويل المسار، أمّا إذا انخفض معدل نزول الوزن عن ذلك بقدرٍ كبير، مع المحافظة على تنفيذ كافة التوصيات الغذائية؛ فربما ينتج ذلك عن الطريقة الجراحية المُتّبعة لتحويل مسار المعدة، ويُمكن أن يُغيِّر الطبيب طبيعة الإجراء الجراحي؛ لتحسين نزول الوزن.
2- التسريب
تختلف نسبة حدوث التسريب بعد تحويل المسار، باختلاف طريقة تحويل المسار، والآلية الجراحية المُستخدمة، وربما يُسبب تسرُّب العصارة الهضمية خارج الأمعاء بعضَ المضاعفات الخطِرة، مثل: التهاب الصفاق، ولذا يحتاج المريض إلى إصلاح عملية تحويل المسار؛ لإيقاف التسريب، وتفادي تِلك المضاعفات.
3- الانسداد
يحدث انسداد الأمعاء بعد عملية تحويل المسار لدى 4% من المرضى تقريبًا، وذلك نتيجة ضيق أو التواء توصيلة تحويل المسار، أو حدوث فتق داخلي، ويتطلّب الانسداد تدخُّلًا طبيًّا فوريًّا؛ لإصلاح عملية تحويل المسار، وفحص الأمعاء جيّدًا، وعلاج أي مشكلة بها.
4- النزيف
يُعدّ النزيف أحد دواعي إصلاح جراحات السمنة السابقة، بما فيها عملية تحويل المسار، وذلك عِند غزارة النزيف، أو نشأته في منطقة خطِرة، ربما تؤثِّر على نجاح العملية أو سلامة المريض، وعندئذٍ، يُمكن استخدام المنظار الجراحي؛ لاستكشاف البطن، وتحديد مصدر النزيف وإيقافه.
5- ارتجاع المريء
على الرغم من فاعلية عملية تحويل المسار في القضاء على ارتجاع المريء المصاحب للسمنة؛ إلا أنّ بعض المرضى قد يُعانون ارتجاع المريء بعد العملية كذلك، ربما نتيجة خطأ جراحي، أو حدوث مضاعفات بعد تحويل المسار، مثل: فتق الحجاب الحاجز.
وإذا لم يتحسّن وضع المريض، بتناول أدوية الحموضة؛ فإنّ إصلاح عملية تحويل المسار، وإجراء التعديلات الجراحية اللازمة، قد يكون العلاج الأنسب لارتجاع المريء.
6- سوء التغذية
تهدف عملية تحويل المسار إلى إنقاص الوزن كما هو معلوم، وذلك عبر الحد من قدرة المريض على تناول الطعام، وكذلك تقليل امتصاص الطعام في الأمعاء، ولكن يُمكن أن تؤدي الأنظمة الغذائية غير المناسبة، أو عدم التزام المريض بالنظام الغذائي بعد العملية، إلى سوء التغذية، وافتقار المريض للعديد من العناصر الغذائية الهامة، وخصوصًا الفيتامينات، والمعادن.
كيف يتم إصلاح جراحات السمنة السابقة؟
يختلف إصلاح جراحات السمنة السابقة، باختلاف طبيعة العملية، ومدى قابليتها للإلغاء، أو الإعادة مرةً أُخرى، أو تحويلها إلى عمليّة أُخرى، تهدف أيضًا لإنقاص الوزن، مع علاج المشكلات المقترنة بالجراحة السابقة، وفيما يلي نتعرّف على آليات إصلاح جراحات السمنة السابقة.
1- إصلاح عملية ربط المعدة
يُمكن إصلاح عملية ربط المعدة بأيٍّ من الطرق الآتية:
- إزالة حزام المعدة.
- إعادة عملية ربط المعدة.
- التحويل إلى عملية تكميم المعدة، أو تحويل المسار.
2- إصلاح عملية تكميم المعدة
نظرًا لكون عملية التكميم غير قابلة للإلغاء، بعد قصّ واستئصال أغلب المعدة، فإنّ إصلاح العملية يعتمد على ما يلي:
- التحويل إلى التكميم المعدّل، بتركيب حزام المعدة.
- إعادة تكميم المعدة مرةً أُخرى، باستئصال جزء أكبر من المعدة.
- تحويل عملية التكميم إلى عملية تحويل مسار المعدة.
- تحويل عملية التكميم إلى عملية تبديل الاثني عشر.
3- إصلاح عملية تحويل المسار
تتضمَن طرق إصلاح عملية تحويل المسار ما يلي:
- إلغاء عملية تحويل المسار.
- تقليص سِعة المعدة.
- زيادة الجُزء المُتجاوَز من الأمعاء.
نتائج إصلاح جراحات السمنة السابقة
تختلف نتائج إصلاح جراحات السمنة السابقة بناءً على عِدّة عوامل، منها:
- الحالة الصحية العامة للمريض.
- استخدام التقنيات الجراحية الأكثر أمانًا.
- خبرة الطبيب في جراحات السمنة المختلفة.
- اتباع التعليمات الطبية، لتجنُّب المضاعفات المحتملة.
- نتيجة جراحة السمنة السابقة، والمضاعفات المرتبطة بها.
عمومًا، يتوقّع المريض بعد إصلاح جراحات السمنة السابقة، تلاشي المضاعفات التي دعت إلى إصلاح العملية، ومزيدًا من فقدان الوزن الزائد، وذلك في حال اختيار الإجراء الجراحي الأنسب لحالة المريض.
ماذا بعد إصلاح جراحات السمنة؟
ينبغي على المريض بعد إصلاح جراحات السمنة السابقة، أن يتّبع التعليمات الآتية:
- الالتزام بالنظام الغذائي المُحدّد من قِبل الطبيب.
- العناية بالجروح جيّدًا، وإبقائها جافّةً، ونظيفةً، على الدوام.
- المتابعة الدورية مع الطبيب، والتواصل معه فور ملاحظة أعراض مُريبة.
- تجنُّب بذل المجهود المفرط، أو النشاطات البدنية الشاقة خلال فترة التعافي.
- ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة، التي يُرشدك إليها الطبيب بعد العملية.
- متابعة معدّل نزول الوزن بعد إصلاح الجراحة السابقة، ومقارنة النتائج.
هل إصلاح جراحات السمنة السابقة خطير؟
تشير الدراسات الطبية إلى أن إصلاح جراحات السمنة السابقة قد يحمل خطرًا أكبر من ذلك المتوقّع مع إجراء الجراحة السابقة، ويرجع ذلك إلى أن إصلاح جراحات السمنة السابقة عادةً ما يكون أكثر تعقيدًا، كما تزداد فرصة حدوث المضاعفات الجراحية، ولذا ننصح باختيار طبيبٍ ذي خبرةٍ عريضةٍ في إصلاح جراحات السمنة؛ لتحقيق أفضل النتائج.
– التقليل من مخاطر إصلاح جراحات السمنة
تختلف التقنيات الجراحية عن بعضها البعض في نِسَب الأمان، وفُرَص حدوث المضاعفات، وقد أكّد الخبراء أن إصلاح جراحات السمنة السابقة بالمنظار الطبي أفضل بكثير من الجراحة المفتوحة، إذ يحدّ المنظار من فُرَص حدوث:
- العدوى.
- النزيف.
- تخثُّر الدم.
- الألم بعد الجراحة.
- مضاعفات التخدير.
- تكوُّن النسيج الندبي.
إصلاح جراحات السمنة السابقة مع دكتور كريم صبري
يتميّز الدكتور كريم صبري بكونه أحد أكثر جرّاحي السمنة خبرةً، ونجاحًا، في مصر، والمنطقة العربية أيضًا، وقد أثبت تفوُّقًا باهرًا في إصلاح جراحات السمنة السابقة، مع استخدام أفضل التقنيات التشخيصية؛ لمعرفة سبب فشل العملية الأولى، وانتقاء أكثر الطرق الجراحية أمانًا لإصلاح العملية، بالإضافة إلى أنّه:
- حاصل على دكتوراة الجراحة العامة والمناظير بطب عين شمس.
- أستاذ مساعد جراحات السمنة والمناظير بطب عين شمس.
- استشاري جراحات السمنة والمناظير بمستشفى وادي النيل.
- عضو الفيدرالية الدولية لجراحات السمنة والسكر.
- عضو الجمعية المصرية لجراحات السمنة وزميل الكلية الملكية للجراحين – لندن.
- عضو كلية الجراحين الأمريكية.
- صاحب خبرة أكثر من 15 عامًا في مجال جراحات السمنة.